المجتمع الكويتي والمجتمعات الخليجية على وجه العموم مجتمعات مبنية على خليط من المذاهب المختلفة بحيث يفسح للجميع أن يعرفوا المذهب المقابل وخصوصياته بحكم المعاشرة اللصيقة ويستثنى من ذلك المجتمعات المغلقة بحكم أمكنتها النائية أو بحكم الترحال بعيدا عن المدينة، وهذا ما يقطع الطريق على صناع الفتن من بث سمومهم وأكاذيبهم التي تريد النيل من الآخر وخلق جدار فكري يمنع من تقبلهم في تلك المجتمعات.
ولكن المؤسف أنهم بعد فشلهم في المدن الحضرية التي لا يمكن أن يُكذِب عمارها ما رأوه بأعينهم على مدى أجيال متعاقبة، توجه صناع الفتن إلى بعض الدول العربية الأخرى وبالأخص بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000م، وتوجه تلك الشعوب لمعرفة المذهب الشيعي وأسباب هذا الانتصار وما عقبه من تماسك في حرب تموز، فقام مرتزقة الفكر العقائدي بترويج أكاذيب عن المذهب الشيعي بقصد النيل منه، أكاذيب أكل عليها الزمان وشرب وحذفت في مزبلة التاريخ فاستخرجوها ليمارسوا عبثهم بعقول الناس وأفكارهم ومنها «إن الشيعة يعبدون علي!» ويساوق طرحها «إن الشيعة يقولون إن الرسالة كانت يجب أن تنزل على علي ولكن جبريل عليه السلام أخطأ وأنزلها على النبي «ص» ومقولة «خان الأمين» أي جبريل، و«أن للشيعة قرآنا آخر» وفي نفس الوقت ينسبون للشيعة «القول بتحريف القرآن» وغيرها الكثير، تناقض مجموعتي الأكاذيب السابقة وتبين مدى سوء سريرة المروج لها، فكيف يعتقدون بألوهية علي وفي نفس الوقت يعتقدون بنبوته! وكيف يرمون جبرائيل بالخيانة ويصفونه بالأمانة!، وكيف لهم قرآن آخر ويقولون بتحريف آيات من كتاب الله؟! أليس الآخر يعني نفي القرآن كله؟!.
يخرج عالم كالإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر بمقامه الشامخ ليصرح بأن ما ينسب للشيعة هو مجرد أكاذيب، واننا «السنة» نصلي خلف الشيعة، مما يجعلنا ننحني إجلالاً واحتراما له ولكن من سيسمعه؟ وكيف ستصل كلمته لعموم الناس في مقابل لعبة المال ودين السيطرة على العقول؟.
المسؤولية ليست على شخص أو مذهب أو دولة، أصحاب الفتنة الله لهم بالمرصاد فقد صمت آذانهم وعميت عيونهم وساءت سرائرهم وسخرت طاقاتهم لهدم الدين، ولكن أصحاب الفكر والعقل والدين عليهم التصدي وبيان الحقائق كلٌ من موقعه ومنطلقه، فاستمرار الأكاذيب وحرب التكفير لن تجر إلا التكفير والقتل والدمار وخلق مجتمعات (مكفرجية)، ليس فقط على الشيعة بل حتى على معظم السنة ومختلف التيارات الفكرية في زمن صار انتقال الأفكار وانتشارها أمرا اعتياديا بسيطا، فحتى من يتجرأ بالتساؤل والتحقق من صدق ادعاءاتهم أو من يخالفهم بعقيدة أو رأي تصله نيران التكفير، فلا يعقل أن ندع الأمور تسير إلى طلقة تخترق كل دماغ يفكر!.
تاريخ النشر: الجمعة, نوفمبر 26, 2010 |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق