الخميس، 28 أبريل 2011

أزمة عيد الفطر

«أزمة» هي كلمة تعودنا انها توحي بكارثة إما سياسية أو اقتصادية محلية أو دولية أو كارثة طبيعية مدمرة أو حرب عاتية، لأن همومنا انصبت على هذه الأمور وقلوبنا انشغلت بها مما يدفع أذهاننا مباشرةً إلى أحد المواضيع المعروفة كالملف النووي الإيراني أو الطائفية أو أي ملف سياسي يبدأ كي لا ينتهي أو إحدى الأزمات الاقتصادية المتعاقبة وقد وصف الشاعر هذه الحال والأمثال تضرب ولا تقاس:
أبني إن من الرجال بهيمةً في صورة الرجل السميع المبصر
فطن لكل رزية في ماله فإذا أصيب بدينه لم يشعر
إن أردنا أن نعرف العيد على حقيقته فلا بد أن نتجه إلى منهج أهل العصمة عليهم السلام لنأخذ منهم الحق، فعن أمير المؤمنين (ع) كما في نهج البلاغة: (إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه، وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد)، والعيد من عاد يعود وفي لسان العرب عن (ابن الأعرابي: سمي العِيدُ عيداً لأَنه يعود كل سنة بِفَرَحٍ مُجَدَّد) فيوم الفرح الواقعي هو كل يوم لا يعصى الله فيه.
فعيدنا بعد شهر الصيام الذي هو شهر كسر القوة الشهوية التي هي مطية الشيطان للنيل من عباد الرحمن، ففي الحديث (من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء) أي ما يقطع شهواته، فينبغي لمن صام هذا الشهر أن يكون قد درب نفسه على لجم شياطين الشهوة خلال هذا الشهر وصولاً إلى العيد، حيث تكون النفس قد كسبت من الكمالات الروحية ما يمنعها والانغماس في عالم الشهوات واللذات المحرمة، إلا إذا لم يصمه صياماً حقيقياً.
والواقع الماثل أمامنا أن الشوارع تزدحم قبل العيد غاصةً بالذاهبين لشراء الجديد بما غلا ثمنه وعجب شكله وغرب لبسه ؛ إن لبس الجديد في العيد محمود، ولكن التبذير مذموم وإدخال السرور على العيال في ملبسهم وما يفرحهم والتوسيع عليهم محمود، ولكن التكلف وتحميل النفس والغير أكثر من الطاقة مذموم (شر الإخوان من تكّلف له).
إن المسألة ليست إلا تفاخرا على أمر غير ذي قيمة واقعية إلا ما يريده مجتمع المسلسلات اليوم، وللأسف لا يراعي أحد شأنه ومستواه ووضع محيطه في ما يشتري ويرتدي، فاختلط الحابل بالنابل واضطر الفقير الى أن يستدين أحيانا لتغطية أمور كان يستطيع أن يسدها باليسير، ولكنه إن لم يُرِدها غصةً في قلوب أبنائه يتكلف هذه الأزياء ليتماشى مع وضع ليس بوضعه، فيكفي في كل محيط شخص واحد قد وسع الله عليه بما لا يطيق غيره ليضطر الجميع لهذا التكلف. وأما يوم عيدنا فهو يوم ارتداء تلك الأزياء، أزياء السيرك والمسلسلات وبرامج الدلع الخارج والسلوك الفج، أزياء لا تمت لدين أو عرف أو خلق بصلة مع تبرج لا يناسب انكسار الشهوة أبداً والتخطيط لسفرات (محرمة) وحفلات ومسرحيات وسينمات ومجمعات وووواوات لا تنتهي، ولا بأس بترك الصلاة أو تأخيرها لليل. فبربكم أي صيام وأي صلاة، فمن آثار قبول الصلاة أنها تنهى عن الفحشاء وقبول الصيام كسر الشهوات، أفلا نستحي من الله مع كل هذا التجاهر بالمعاصي، فعن الإمام الصادق (ع): (خف الله كأنك تراه وإن كنت لا تراه فإنه يراك، فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية، فقد جعلته من أهون الناظرين عليك)، فالأزمة الحقيقة التي تعاني منها الأمة الإسلامية هي «أزمة سلوك» مع الله عز وجل. 



تاريخ النشر: الجمعة, سبتمبر 03, 2010

http://www.aldaronline.com/dar/Detail2.cfm?ArticleID=114601

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق