الجمعة، 29 أبريل 2011

محتسبة الفكر ومقصلة الكتاب

انتهى المعرض أو شارف على النهاية ويبقى السؤال المتجدد إلى متى؟ هذا السؤال لا يوجه للرقابة فقط بل يوجه حتى للفعاليات التي عارضت مقصلة الرقيب.
للأسف دائما ما تأتي تحركاتنا الثقافية متأخرة جداً وضعفها أشد من تأخرها، وأحيانا تكون بشيء من اللامنطقية، فليس من العقلاني أن يرفع الحظر الشامل عن كل الكتب بما فيها الخادش للحياء العام والداعي للاستهزاء بالمقدسات الدينية ونحن في الكويت، ولكن هناك دائرة يتفق عليها كل العقلاء باستثناء فريق «الحسبة» وهي ما يجب السعي له، برفع الحظر المفروض على الكتب الفكرية والسياسية بمختلف اتجاهاتها حتى التي تنتقد توجهاتنا الفكرية من قبل الرقيب الذي يقف حاجباً دون حرية البحث العلمي بحجبه للمصادر الفكرية والعلمية، على أن يبذل جهده بتحويل الكتب المخالفة للقانون للجهات القضائية التي تتولى النظر فيها.
وأما اشتداد الغيرة على الكتاب وما يتبعه من حركات احتجاج واعتراض على المنع بعد تنفيذه وانعقاد المعرض فلا طائل منه، فيفترض من الجهات المهتمة بالحرية الفكرية سواء كانت تجمعات ومراكز أو صحافة أو غيرها السعي في الأمر على مدار العام من خلال الجهات التشريعية السليمة (مجلس الأمة) بالتنسيق مع دور النشر التي امتنع بعضها فعلا من الحضور لمعرض الكويت وعلى البقية أيضاً أن تمتنع دام الرقيب لا يرحمها.
أمامنا سنة إلى معرضٍ دولي قادم، فإن أحسنا التحرك خلال هذه السنة سنستطيع أن نفخر بالكويت مركزا ثقافياً دولياً رائدة على مستوى العالم العربي كما كانت سابقا، وإن عدنا إلى دائرة الخمول فلنودع الفكر والأدب والثقافة على أرض معرض الكتاب، وفي الشبكة العنكبوتية الكفاية مع تعدد طرق وصول المعلومات، ولنر ماذا سيفعل الرقيب والمحتسبون من ورائه، وكيف سيرفع الأمر إلى الجهات القضائية؟! أما المحتسبة فإن كانوا من أصحاب الفكر فلم الحجب؟ لعل اتفق معهم في أن بعض الكتب أو الكثير منها لا تخلو من انحراف سواء كان فكرياً عقائدياً أو أخلاقياً وبنظري حتى بعض الكتب التي سمحوا بها، وبطبيعة الحال كتاب هذه الكتب يرونها صواباً، هذا الاختلاف نتاج طبيعي لاختلاف العقول والآراء والأفكار والانفتاح على عوالم مختلفة، فهل نقوم بمحاولة منع الكتب وإغماض العيون وتعطيل العقول عما تحويه من أفكار تصل إلى من يريد شئنا أم أبينا؟ أم نفتح المجال للبحث العلمي والحوار المنطقي ومقارعة الحجة بالحجة والدليل بالدليل؟
إن اللجوء للمنع في هذا الزمن حيلة العاجز في قابل الأفكار التي يراها أقوى منه، فيعتقد إن عمله فقط المنع ليبرئ ذمته أمام الله عز وجل، بينما الأفكار تتغلغل في المجتمع وتغزوا بيته وأبناءه وسيبقى عاجزاً عن صدها حيث لم يطلع عليها ولم يفتح الطريق لغيره لطرقها بالبحوث العلمية والنقدية. 




تاريخ النشر: الجمعة, أكتوبر 22, 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق