الاختلاف من سنن الله الجارية في خلقه التي لا يمكن أن تنكر حيث جعلها الله فينا فجعلنا شعوباً وقبائلا لنتعارف وتكون المفاضلة بين الخلق بدرجة التقوى التي لا يعلم واقعها إلا هو سبحانه وتعالى.
حينما نعمل النظر في مجتمع كمجتمعنا نلاحظ انه مؤسس على أطياف مختلفة من حيث المنشأ والأصل واللهجة أو الدين أو المذهب من أهل الحاضرة والمدن وأهل البادية والقرويين والصيادين والحرفيين، من أسس الدولة واستقبل جميع هذه الأطياف لابد وأن يكون عارفاً بها راضيا بوجود هذا الاختلاف على أرض الكويت وهذا ما يشهد به التاريخ، ومن قدم على هذا المجتمع وأراد أن يكون أحد أفراده لا بد أنه قد سلم بهذا الاختلاف ورضي بالوجود كأحد عناصره المختلفة.
إن التعامل السلبي مع الاختلاف هو بداية لانهيار هذا الكيان المبني من عناصر مختلفة فنرى اليوم من يحاول إلغاء الآخرين وفرض سيطرة على الدولة وإلغاء هوية الآخر بعناوين مختلفة إما فئوية أو قبلية أو طائفية أو حزبية فكلما تقلصت الدائرة حقق أعلى مكاسبه.
وأما التعامل الايجابي فهو الاستفادة المثلى من الامتدادات المختلفة لتحقيق المكاسب الوطنية وضمان الحفاظ على الأمن والاستقرار على الصعيد الوطني، وأما على الصعيد الشخصي والفكري فإن الاختلاف يولد الحوار الذي يمكن أن يكون سبيلا للرقي في التعامل وصقل الأفكار، ومن أبرز أمثلة الاستفادة من الاختلاف الفكري استفادة الفلاسفة من الفخر الرازي، حيث قالوا انه من أكثر من خدم الفلسفة وساهم في تطويرها مع شدة نقضه على آرائهم، فسلموا لاختلافه واستغلوه في معرفة ما يمكن أن يرد عليهم من إشكالات وقاموا بحلها وتحرير مسائلها فخطوا بفلسفتهم مراحل كانت لولا اختلافه معهم تحتاج لمئات السنوات.
إن هذا المزيج من الأفكار والعادات والتقليد إما أن يسير بنا إلى رقي معرفي وفكري لا يتسنى لغيرنا من أحاديي المجتمع مما يجعلنا على رأس المجتمعات العربية القادرة على تطوير واقعها، أو أن يهبط بنا إلى مجتمع من المجرمين الانتهازيين الذين يريدون استغلال الدولة بأفرادها لمصالحهم الآنية التي لا محالة ستنقضي ويبقى الوطن وقد غرسوا فيه خناجر آثامهم التي يعصب التخلص من آثارها المادية وما تخلفه من آثار نفسية في صدور مواطنيه تمنع رجوع الكويت إلى سابق عهدها فضلاً عن الرقي بها إلى مصاف الدول المتقدمة.
تاريخ النشر: الجمعة, نوفمبر 05, 2010 |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق