إسرائيل أولا ...!!
طالعتنا جريدة الرياض في العدد (15816) بمقالة لرئيس تحريرها تركي السديري بعنوان ((إيران أولاً.. وإسرائيل ثانياً)) وليته ما قالها ، فمن جهة ملئت بمغالطات ، منها ما استنكره عن وجود تدخلات للكيان الإسرائيلي في الدول العربية كمصر والأردن وسوريا ، مبررا ذلك ((لقد حاولت [إسرائيل] أن تبرهن بأن خصومتها مع الجانب الفلسطيني فقط )) وكأن فلسطين والفلسطينيين ليسوا جزءً من الأمة .
وأما عن لبنان فقال : (( ولو أدركت [إسرائيل] أن إيران ستحوّل لبنان ... إلى سوق مشاحنات شرسة دولية لسبقت إيران في ذلك )) ، فأرسل تهمته على إيران وتغاضى عن التدخلات الأخرى ، وكما يبدوا أيضا أنه لم يسمع عن الاجتياح الصهيوني للبنان 1982م ولا عن مليشيات لحد أو غيرها من الحوادث .
وقال : ((بشواهد التاريخ لم يسجل تدخل عسكري أو محاولات اغتيال من إسرائيل داخل أي دولة عربية..)) لأدري لمَ لمْ يعد فلسطين دولة عربية مستباحة من الكيان الصهيوني ، ولمَ تغافل أو غفل عن سيناء والجولان ومزارع شبعا بل وحتى عن جزيرتي تيران وصنافير ، ولمَ نسي المفاعل العراقي ، ولم لا يتذكر الخروقات الجوية المتكررة لسوريا ولبنان ، وحرب تموز ، والاغتيالات ومنها أخيرا اغتيال البحبوح في الإمارات ، هل هي دول غير عربية ، أم إيران هي التي قامت بهذه الأعمال ؟ّ!
ثم اعتبر إيران العدو الأول ، وادعى تدخلها في الشأن البحريني والشأن القطيفي وأرسله أيضا إرسال المسلمات ، متغافلا عن تاريخ المنطقة والمطالبات فيها وأثر الربيع العربي عليها ، وكذلك هو الحال في قضية الجزر الثلاث دون الإشارة إلى المفاوضات والحوادث والادعاءات المتعلقة بالموضوع ، وأرسل كل ذلك إرسال المسلمات .
بات واضحاً إن هناك من يسعى جاهداً لتحويل خلاف العرب والمسلمين مع الصهاينة ، إلى خلاف عربي فارسي ، وإلى خلاف شيعي سني ، كما يسعى لتشبيع الشارع من فكرة مفادها "إسرائيل هي الصديق وإيران هي العدو" ، وتصوير العداء مع إسرائيل على إنه لعبة صفوية لتمزيق العرب والإسلام ، وكل مشاكل الأمة الإسلامية كانت من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، حتى وإن كانت هذه المشاكل قبل قيام الجمهورية .
فينتج لنا مع هذا الخلاف الجديد المفتعل صداقة جديدة ولكن حقيقية مع الكيان الصهيوني ، يلزم منها نسيان القضية الفلسطينية ، وتطبيع العلاقات بل الثقة المطلقة بهذا الكيان المتطفل ، ولا نستبعد أن نسمع بعض أبواق الصهاينة من العرب يصفون الفلسطينيين بالإرهابيين الذين يحاولون احتلال دولة "إسرائيل" ، ففي ظل نجاح الصهاينة بجعل بعض هذه العقليات "مغفلي الصهاينة" تقوم بتوجيه الشارع المثقف لتفريق الأمة ، فكل شيء وارد ولا عجب منه ولا غرابة ، ما لم تصحو الأمة من هذه الغفلة التي ستجعلها تحرق نفسها بنفسها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق