الأحد، 18 سبتمبر 2011

سبيل التغير في الكويت .. لم تنشر


سبيل التغير في الكويت
تتعالى نداءات التغيير في الكويت سواء من حيث الأشخاص أو من حيث شكل النظام ، فهناك من يدعو إلى تغير شخص رئيس الوزراء ، وهناك من يريد جعل الكويت إمارة دستورية على غرار الممالك الدستورية ، وهناك من يدعوا لتغير نظام الانتخابات ، وكل هذه المطالبة مكفولة ولو بحدود للمطالبين بها ، فلهم أن يطالبوا ، ولكن هل لهم إجراء التغير الفعلي لمجرد إنهم طالبوا ، وهل لهم النزول للشارع بهدف وإجبار الدولة على الامتثال لمطالبهم ؟

هناك دول لا يوجد بها أي نظام للتغير سواء كانت لا تمتلك دستوراً أو كان دستورها غير فعال ، كالدولة التي يعين فيها الملك نصف أعضاء المجالس التشريعية ، أو كانت مجالسها شكلية ، ففي هذه الدول للشعب حقوق تكفلها المواثيق الدولية في تقرير مصيره ، وله أن يطالب بأخذها بشتى الوسائل على اعتبار إن الحاكم صادر إرادة الشعب .

ولكن في دولة كالكويت لمجلس الأمة حق في التغيرات الدستورية وفق مواده ، وله فاعلية عالية وصلت أن عزل أميراً وعين آخر ، وأوقف رئيس الوزراء في دولة وراثية وهو من الأسرة الحاكمة على منصة الاستجواب وكاد أن يصدر به كتاب عدم تعاون ، وحاسب وزراء من الأسرة واضطر بعضهم للاستقالة خوفاً من طرح الثقة بهم ، وله صلاحيات عالية في المراقبة والمحاسبة والتشريع ، ولم يُطعن بتزوير نتائجه ، فلا يمكن أن يقبل في الكويت خيار التغير المباشر من الشارع ، فهناك أدوات يمكن التغير من خلالها  .

إن ما يحاول البعض زج الشارع الكويتي إليه ، من تهيج ودفع لعدم الاستقرار لتلبية طموحاته وتحقيق مطالبه ، لا يعدو عبثاً سياسياً ومصادرة لحقوق بقية المواطنين ، فهل خروج ألف أو عشرة آلاف أو حتى خمسين ألف يمثل كل الكويت ، في ظل وجود مجلس الأمة ؟

إن سبيل التغير في الكويت ينحصر في تغير قناعة الناخبين ومطالبتهم بانتخاب أعضاء يلبون طموح طالبي الإصلاح "بغض النظر عن نظرنا الشخصي لهذه الإصلاحات وآراءنا فيها" ، من خلال طرحهم برامج إصلاحية واضحة المعالم تكفل للجميع مستقبل أفضل ، فلهم أن يطالبوا بقية الشعب أن لا ينتخب عضو يدعم رئيس الوزراء ، كما لنا أنطالبهم أن لا ينتخبوا أعضاء مأزمين أو طائفيين ، أو عضو لا يحترم علم الكويت آو آخر يريد التفريط بسيادة الكويت .

أما مطلب البعض بحل مجلس الأمة الذي اختار الناخبون أعضاءه ليبقوا لأربع سنوات ، وقناعات أغلب الناخبين إن خلف هذه التحركات أعضاء وأشخاص يجرون خلف أجنداتهم ولا يريدون الخير للكويت ، لن يُغير من الواقع شيئاً ولعل التغير الذي سيحصل هو سقوط بعض الأعضاء في الدوائر الثلاث الأولى من الذين وقفوا ضد رئيس الوزراء يداً بيد مع الطائفيين والمأزمين ، ولعلنا نرى المرشح السابق "محمد الجويهل" تحت قبة عبدالله السالم .


الجمعة، 16 سبتمبر 2011

ناصر أبل والكرامة الكويتية!


ناصر أبل والكرامة الكويتية!

لن أجهد نفسي بالسعي لنشر هذا الموضوع في الصحف الكويتية ، فأعلم مسبقاً كغيري أن أي موضوع يمكن أن يعرضها لنقد بعض التيارات الدينية أو السياسية لن ينشر ، حتى ولو كان لاحترام المواطن الكويتي والحفاظ على حقوقه الإنسانية ورفع الظلم عنه، وأقول لمن سيعتبر إن مقالي لن يخلوا من نفس الطائفة : لا تلمني ولكن لُم من أوصلنا لهذا الوضع سواء كان من الحكومة أو المجلس أوالدعاة أو العامة بسبب تميزه الطائفي بين أبناء الوطن .

إن استمرار الظلم والتعسف والتآمر - إن صح التعبير-  ضد المغرد "ناصر أبل" أخذ عدة أبعاد ومن أكثر من جهة ، فإن كان سبب اعتقاله ومعاقبته هو دعوى تطاوله على بعض حكام الخليج عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر ، فالقانون الكويتي مازال لا يغطي النشر الإلكتروني ، ولا جريمة ولا عقاب إلا بقانون ، فأين القانون ؟!

وإن كان هناك قانون لا نعرفه ، سيترتب عليه أمور كثيرة منها اعتقال الآلاف ومن ضمنهم بعض النواب ، فلا يوجد في القانون الكويتي ما يميز الملكين عبدالله وحمد ، عن الرئيس السوري بشار الأسد ولا يتفوقان عليه بالكرامة الإنسانية ، فإن كان من تطاول على الأولين في "تويتر" يعتقل ، فالأولى اعتقال آلاف غيره ممن تطاولوا وشتموا الرئيس السوري على أرض الواقع ،ورفعوا علم القاعدة ،وتبنوا التحريض الطائفي منهجاً لهم ، إلا إن أقروا إنهم يريدون الكويت تبعاً لإحدى الجارات. 

أما موقف أغلب دعاة حقوق المواطنة والإنسان في حوادث متفرقة كاعتقال محمد الجاسم وخالد الفضالة ود. عبيد الوسمي ،وأحداث ديوان الحربش وغيرها فقد تبين أنها ليست على أسس إنسانية أو حقوقية وإن ادعاءاتهم لم تكن إلا كذباً ، وإلا فلماذا خرست ألسنتهم بل أصبح قسمٌ منهم يباركون اعتقال ناصر أبل؟

فهل نسميهم طائفيين أم منافقين؟

فما جرى ويجري على "ناصر أبل " عائدٌ غالباً لأمرين :

فالأول منهما والذي اجتمعت عليه الحكومة والوهابية ، وحتى بعض دعاة حقوق الإنسان ، إنه "شيعي" المذهب ، ويبدو أن ظلم "الشيعة" صار مبرر ذاتياً عند البعض !.

والأمر الثاني عائد للمدافعين عن القضية البحرينية "والذين كان أغلبهم من الشيعة بعد أن تخلى الكثيرين عن الشعب البحريني منحنيا للهجمة السلفية الطائفية" فتخاذلوا وتهاونوا وقبلوا بالذل والهوان ، وبعد اعتقال "ناصر أبل" بسبب تغريداته المناصرة للبحرين ، خاف الكثير منهم وتوقفوا عن نصرة البحرين ومنهم من ألغى حسابه في "تويتر" إما خوفاً على نفسه من ذات المصير أو رضوخاً للضغوط المحيطة ، فأخذ بعضهم يجبّن بعضاً ،ويدفعون للتوقف عن الكتابة ، وقد وصلني وغيري الكثير من التحذيرات في هذا الصدد .

فإطباق الصمت والانحناء للتهديدات ليس حلاً للحفاظ على كرامتنا ، كرامتنا تُحفظ إن مارسنا حقوقنا دون أن نهان أو ينالنا السوء .

وأما خوف البعض من قيام اصطفاف طائفي للدفاع عن ناصر أبل  وحقوق الشيعة ، فهو من السذاجة بمكان ، فليست الطائفية أن أدافع عن حقوقي وحقوق غيري لأنه ظلم بسبب انتمائه المذهبي ، بل الطائفية هي ظلم الغير بسبب انتمائه لطائفة مخالفة .

وليس استنصار بعضنا بالنواب الشيعة إلا حين قلّ الناصر الوطني ، ولم يبقى لنا إلا اللجوء للنواب من المنطلق المذهبي ، فإن كان سبب ظلم النواب غير الشيعة وتخاذلهم عن الحفاظ على حق المواطنين للشيعة هو مذهبهم وطائفية قواعدهم الانتخابية ، فلا عذر للنواب الشيعة الذين يجب أن تحاسبهم القواعد بشدة بسبب هذا التخاذل غير المبرر ، كما يجب أن يحاسبوا على تخاذلهم عن نصرة أي مواطن بغض النظر عن مذهبه أو أصله ، وأن لا ننساق إلى التقسيم الطائفي للمواطنين الذي انساق إليه غيرنا .

وأما موقف حكومتنا الموقرة المتعسف ضد "ناصر أبل" وتهونها مع غيره ، حتى ممن تطاول بشكل مباشر أو غير مباشر على الذات الأميرية ، أو بعض الرؤساء ، راجعٌ لخوفها من التصعيد ، فنحن أيضاً قادرون على التصعيد ، لا لنعطل القوانين ولكن لننال حقوقنا وليطبق القانون على الجميع بمسطرة واحدة .

فأتمنى وأترجى ممن ظُلم أن لا يسكت ويقبع في بيته خائفاً ،فالضرر حينئذ سينال الجميع في ظل التأجيج والتحريض الطائفي الذي يمارس علناً تحت قيادة بعض النواب ، وسنُسحب من بيوتنا واحداً تلو آخر لأتفه الأسباب ، فعلينا التحدث والمجاهرة والنزول للشارع دون خوف لنحافظ على كرامتنا وعزتنا، وأضعف الإيمان الحشد للتجمع يوم الثلاثاء 20/9/2011 في محاكمة "ناصر أبل" العلنية حيث "حضورها لا يخالف القانون" ، وستصل من خلالها الرسالة ، "إننا سنموت دون كرامتنا وحقوقنا". 

الأحد، 11 سبتمبر 2011

محاكمة سرية " قصة قصيرة "


" محاكمة سرية "
أخبرني راوٍ عجوز كنت أعوده على فراش مرضٍ قد أكل صحته عن حكاية قال إن منها العبرة ، ولا أدري كيف عرفها ، أو ممن سمعها ، أو إن كان هو أحد أبطالها ، فقد قال العجوز :
عجت القاعة بضوضاء الصحفيين وملأتها أضواء المصورين ، حتى صاح الحاجب : محكمة ..
فخيم السكون ووقف الجميع محترِمين ومنتظرين ، دخل القاضي الموقر ليجلس بهيبته الجليلة وقال :
" فتحت الجلسة ، برغبة مولانا المعظم ملك البلاد ، وحفاظاً على السلم الأهلي ومصالح المتهمين ، أمرنا بإخلاء القاعة وتحويل الجلسة إلى سرية  " .
فهب الحرسُ واقفون .. أخرجوا الحضور.. حاول بعض المحامين الحفاظ على حقهم بالبقاء في الجلسة ، أمرهم القاضي بالخروج على أن يستدعي المحامين المسجلين ، بعد أن فرغت القاعة ، أخرج الحاجب ورقة ، سلمها للحرس وأمرهم أن يستدعوا المسجلين فقط ولا يسمح لغيرهم بالدخول  .
نادى الحرس على المحامين المسجلين ، وغلَّقوا الأبواب وسط اعتراضات بقية الوكلاء .
تأكد القاضي من الحرس على إتمام تنفيذ الأوامر ، وقال: باسم مولانا المعظم و بالجلسة السرية المنعقدة اليوم ، حكمت المحكمة الحكم السري حضورياً بإ...
قاطعه أحد المتهمين : سيدي القاضي سيدي القاضي ..
حاول القاضي تجاهله وأخذ بإعادة تلاوة الحكم ، ولكن المتهم كان مصرّاً .
فقال القاضي : ماذا تريد ، إن لم تلتزم الهدوء سوف نخرجك من القاعة .
فأجابه المتهم سريعاً : إنك تخالف الرغبة المعظمة لجلالة الملك بإخلاء القاعة .
ارتعب القاضي وفغر الحاجب فيه وجحظت عيناه ، وتبادلا النظرات ، ثم نظرا للمحامين ، فقال أحد المحامين : لا غريب بيننا سيدي ، فنظر الحاجب للمتهم وصاح : من الذي دخل دون إذن .
فقال المتهم : القاضي لم يخرج الجميع ليدخل المراقب دون إذن ؛ وخفض صوته وقال : هناك من يراقب ويسجل الجلسة ، ولن يكون الحكم سرياً .
شزر الحاجب القاضي ، فخاطبه القاضي بصوتٍ ملؤه الخوف : سيدي لا يوجد أحد ، هل ترى أنت أحد ؟
دقق الحاجب في كل ركن ثم قال : لا .
فصاح المتهم : كيف لا؟ هل عميتم؟ ألا ترون؟ إنكم لن تعرضوا أمن المملكة فقط للخطر ، بل إنكم تعرضون جلالة الملك المعظم للخطر والمساءلة والمحاسبة .
فتملك الحاجب غضب مُزلزل ، وأخرج سلاحه من جيبه ووجهه للمتهم ، فتبسم المتهم وقال : ستحكمون عليّ بالإعدام ثم تخيفوني بمسدس ؟
فصاح الحاجب : من ؟
فقال المتهم : الله ، الله ..... الله يراقب الجلسة ، والقاضي لم يخرجه ، وسيحاسب جلالة ملكنا المعظم ويعاقبه أمام الخلائق علانيةً ، هل تنكرون أم لا تعقلون ؟.
تبادل الجميع نظرات الدهشة ، إلى أن قهقه الحاجب ضاحكاً فقهقهوا معه إلا القاضي .
فقال الحاجب للقاضي وابتسامة السخرية مرسومة على شفتيه : ما بك يا سيادة القاضي ؟
فقال القاضي : الله .
فوجه الحاجب سلاحه إلى رأس القاضي ومازالت ابتسامته الساخرة كما هي وقال : جلالة ملكنا الذي تحكم باسمه أم الله ؟
أخذت القاضي حيرة ، أطرق برأسه .
ثم سألني الراوي : ماذا فعل القاضي برأيك ؟ .
فأطرقت أنا أيضا أفكر وقد تحيرت بالجواب ، رفعت رأسي على أصوات خبط أقدام الأطباء والممرضين ، وإذا بالراوي قد تبسم وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة دون أن يخبرني بالنهاية ولكنه قبل موته أشار لي بإصبعه الدائر بجانب دماغه أن أفكر ، ومازلت أفكر  !!