هياكل عظمٍ والله أكبر
لم أذق النوم الهانئ لأيام ، فقد كانت تأتيني غفوات لا يدعها القلق أن تغرقني في نوم .
كنت بين يقظةٍ وحلمٍ ، حين رأيت الهياكل العظمية للأموات تسير بين الطلاب ، لم أدر أي طالبٍ هم ، فقد رأيت رموزاً وعلامات لجامعاتٍ ومعاهد ومدارس ، رأيت الذكور والإناث ، رأيت الكبار والصغار ، حتى إني رأيت طفلة تتعلم حرف الدال حين قذفت عينها دمعة خوف.
دققت نظري في الجماجم ، فظهرت لها من الغيب عيونٌ حمرٌ تقدح شراً وشراراً ، ودققت في الأقفاص الصدرية ، فكُشِف عن نظري ، لأرى قلوبهم سوداء ينزف منها حقدٌ شممت من بعيدٍ نتن رائحته .
أجلت بصري ، فرأيت السياط تهوي على متن المستقبل ، و رأيت سيوف ذاك الجيش تقطر من الأمل المقتول ، وهم يصيحون : الموت قادم فلا تطلبوا الحياة .
غطى بعدها نظري سواد ليلٍ ، حتى كسره الضوء من محاجر الأمهات المغسولة بالدموع ، لتغشاني حُلكةَ ظلامٍ ثانية سمعت فيها دوي الدعاء العذب متصل بخيط الفجر ، لأسمع مع نداء الأذان نداء يحيا الوطني ، ليختلط به من بعيدٍ قرعَ طبولٍ مجنزرة ، ودقات أرجلٍ للجحيم سائرة ، اقتربت لأراها ، كانت نفس جيوش العظام تصيح : (( نحن درعٌ يحمي الموت من الحياة )) .
وجه الجيش مدفع الدمار والدماء ، وأطلق خرابه على أهل تلك الديار ، فتبسمت الشفاه و ب((الله أكبر)) أجبوا ، سمعتهم يقولون للعظام : بموتنا حياة .. وبحياتكم موت ، وسمعت قائل منهم يقول : فزت بها فأنا الشهيد التالي .
فهوت من السماء لؤلؤة مضيئة كبيرة ، لترتطم بأرض الوطن ، تفتفت للآلئ منيرة دخلت في كل بيتٍ تنشر من دم الشهيد عبقاً ونوراً وحياة ..
فزعت .. أكان ما رأيت حقيقةً ، أم هو أضغاث أحلام نائم ؟
فتحت التلفاز ، فرأيتهم يرشقون نعش الشهيد برصاص الغدر ، ليعدموا وعد الله له في الحياة .. !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق