الاثنين، 30 يناير 2012

أين المروءة يا عرب .. البحرين تغتصب ..؟!


أين المروءة يا عرب .. البحرين تغتصب ..؟!

يفخر العرب دائما بكلمات تصف قمم مكارم الأخلاق ، ومعالي الصفات النفسية الممدوحة في الأديان وعند ذوي العقول ، كالمروءة والشهامة والنخوة والرجولة والجيرة والغيرة وإغاثة الملهوف ، والذود عن المظلوم ، وزاد عليها الإسلام رونقا متمما لمكارم أخلاقها ، وقد ورد في الخبر: (( من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين ولم يجبه فليس بمسلم )) ، وحث الدين على هذه الأخلاقيات من المسلمات .

وقد سمعنا واعيات العرب من مغربها إلى مشرقها فجنوبها يندبن ويستصرخن الإنسانية ، وبين الظلم والقمع برزت أصوات الحق تغيث أهل تونس فمصر وتجاوزت البحرين ، لتلبي لأهل ليبيا وتدعم الثوار بالإعلام والمال والسلاح ، لتتغاضى عن واعية اليمن مترددة ، ليهب العالم العربي مصفقا لدخول آلات الحرب السعودية في البحرين ، ويندب سوريا وثوراها وشهداءها حتى قبل قيام ثورتها .

ولكن البحرين مازلت تنزف ، ومازالت تستصرخ الضمائر الحية ، فكل يوم يذر الملح على جراحها ، بمراجيح السياسة الدولية والعربية ، وبسلاح أمريكي وأوربي وحتى آسيوي ، بيد مرتزق باكستاني أتت به رائحة الدنانير ، أو سوري ينحر إنسانا في البحرين وهو يبكي مناحر أشقاءه في سوريا ، فقد اجتمع الإعلام والمال والسياسة وسموم الطائفية ضد شعبها ، ولا أحدثكم عن الغرب فهو لن يقف ضد حكام الخليج ، فمصالحه بين النفط وأمن العدو الصهيوني بيد بعضهم محفوظة .

أيها العرب ماذا تنتظرون ، خوفكم من تغلغل إيراني مزعوم دفع ملك البحرين الملايين ليأتي بخبراء حقوقيين دوليين ليبرئوا ساحته ويدينوا الثوار ويلصقوا بهم التهم ، فقال رئيسهم بسيوني وهو يلقي خطابه " لا يوجد دليل على تدخل إيران " ، وأكد إن مطالب الشعب مشروعة ، وإن القوانين والقوات هي المعلولة .

أهل الخليج ماذا تنتظرون ، فالسلاح والعتاد من جيوبكم ، والقمع في أهل البحرين لتخويفكم من مطالب حقة مشروعة لكم ، دافع حكامكم عن الحقوق السياسية والإنسانية لأهل ليبيا ويدعون إنهم يردونها لأهل سوريا ، فهي بنظرهم شعوب تستحق الحياة ، أما أنتم فشعوب بنظر حكامكم ناقصة ، يطلب المليك منها العيش كالهمج الرعاع وهو يرمي بحفنة "ريالات" فطبل بعضكم فرحين "عاش المليك" ؟!

إن ما يحدث في البحرين من قمع وظلم وانتهاك للحرمات والأعراض على أتفه الأسباب ، هو وصمة عار في جبين كل عربي ، فهو يرى ويسمع ثم يتغافل أو يبرر ، إن كان عرضك يا عربي يا مسلم أتقبل أن ينتهك؟
 أم هي عصبيات استحدثتموها دفاعا عن أمن الكيان الصهيوني الغاصب ، فالعرب يكررون نفس الغلطة بعد أن انتهكت فلسطين أمام أعينهم وهم يصرخون ويجعجعون يا لثاراتنا يا لكرامتنا يا لعزتنا المسحوقة ، نحن أهل الشرف والغيرة والمروءة ، ثم يصافحون كيان الصهاينة مطأطئين مذلولين مخذولين ولكنهم لمصالحهم يتبسمون ، ويفتخرون "قبل الصهيوني بالتفكير بمبادراتنا" أي خزيٍ أشنع من هذا ؟!.

إن ثورة البحرين شارفت على إتمام سنتها الأولى وذكرى انطلاقتها في 14/فبراير/شباط ، وقد خلفت تأصيلا لجذور القمع ولعبة البترودولار ، ودخول جيش سعودي غازٍ في قلب أهل البلد ، يدعم ملك لا يمتلك شرعية شعبية ولا إلهية ، ويحمي مرتزقته ، نعم له شرعية صهيونية وأمريكية وسعودية !!

أنا وأنتم وبقية بني الإنسان نستطيع أن نقدم الكثير، وإن لم نفي حق شعب البحرين الذي اجتمعت ضده مصالح الأمم والحكومات القمعية في العالم ، فلو أقامت كل مجموعة منا فعالية كبيرة كانت أو صغيرة لنصرة هذا الشعب المظلوم ، أو حتى قام كل واحد منا منفردا بإشعال شمعة أو إطلاق بالونة أو رفع علماً منكساً ووثق فعاليته بالصور ونشرها نصرةً لهذا الشعب المضطهد ، سنقدم لقضيتهم وقضيتنا دعما إعلاميا كبيرا .

أما أولئك الأحرار في تلك الدول التي يمكنهم فيها الاعتصام أمام سفارات البحرين عليهم ألا يتقاعسوا ، وأوجه رسالة خاصة من القلب لأحرار مصر الذين لا يشتريهم "البتورريال" ولا يرهب إعلام الصهاينة ولا السلاح الذي يحركه أذنابهم "ارفعوا علم البحرين في ميدان التحرير" فأنتم إلهام الحرية العربية ومبعث كرامتها ، والدماء التي نزفت في ميدان اللؤلؤة وفي شوارع البحرين وأزقتها ، نزفت قلوب أصحابها يوما لشهداء ميدان التحرير، حينها نوصل للعالم رسالة مفادها "مازال في العرب نخوة ومروءة وغيرة ولهم كرامة لن تسحق، بل سنسحق الظالمين سحقاً" .

معايدة :

بتاريخ 28 يناير يحتفل ملك البحرين حمد بن سلمان آل خليفة بعيد ميلاده .
ولكن كم أم وأب وأخ وأخت وزوجة وابن وبنت يستقبلون التهاني بشهيد أسقطته مرتزقة الملك؟
وبالأصالة عن نفسي ونيابة عن كل شرفاء الإنسانية : أقدم أسمى التهاني والتبريكات لعوائل الشهداء وأذكرهم إن الله لا يضيع أجر عاملٍ أبداً وهو المنتقم، وإن شاء الله نشهد انتقامه عما قريب .

الخميس، 12 يناير 2012

لندفع البلاء عن الكويت..!(شارك في الانتخاب)


لندفع البلاء عن الكويت ..!
(شارك في الانتخاب)

دفع الضرر أولى من جلب المنفعة ، قاعدة عامة عند العقلاء ، كما لو كان أحدنا في غابة ورأى قطعة من الألماس فريدة المنظر باهظة الثمن ، ولكن تبعه قطيع من الضباع ، فإن هرب من القطيع فوت المنفعة المتوخاة من حصوله على الماسة ، وإن أخذ الماسة لن يعود بها لأن أشلائه ستكون بين القطيع مفرقة ، فهروبه بحياته أولى من الحصول على تلك الماسة وكل ما يتبعها من منافع .

وفي كل مناحي حياتنا هناك منافع ومضار ، ومنها المجالس التشريعية ، فهي إما أن تجلب لنا الخيرات أو تجر علينا الويلات ، وهذا ما نحدده نحن من خلال اختيارانا للكفاءات من المرشحين .

ولكن بعد ارتفاع وتيرة التأزيم والأخذ والرد في المجالس الماضية ، وتدهور حال البلد وتوقف عجل التطوير والتطور ، وظهور الانتهازيين والمتسلقين على ظهر الوطن ، وكثرة الإشاعات الطاعنة بالذمم ، حاد كثيرون عن صناديق الاقتراع ، وصرحوا بنية مقاطعتهم للانتخابات ، تحت عناوين مختلفة : نحن لن نؤثر ، لن يتغير الوضع ، لا يوجد كفء ، لا يستحقون التعب ، اللعبة "مطبوخة" ...الخ .

فهذه المعتقدات في رؤوس بعضنا هي من أضاع البلد فإن كانت مخرجات 58% من الشعب وهي نسبة المصوتين سنة 2009 سيئة ، فأين هم الـ42% الآخرون ، أليس لهم دور أو صوت ، أم المسألة مجرد اعتراض "وتحلطم" ولتحترق البلد بما فيها ؟

هذه النسبة التي اعتزلت الانتخابات إن لم تكن قادرة على إيصال الأفضل لقبة البرلمان لماذا تدع الأسوأ هو من يصل ليفسد في الكويت أكثر ؟

فالنسبة العازفة عن المشاركة في العملية الانتخابية ، بل نصفها ، إن تحركت ستكون قادرة على إيصال أي مرشح تريد وتغير المعادلة النيابية برمتها ، فالتخاذل والتأخر والتقاعس لن يفيدنا في شيء ، فالكويت تمر بمنعطفات خطيرة جدا، وإن لم يهب الجميع لنجدتها اليوم سنكتوي جميعا بنار المعارضة الجديدة التي أكلت الشارع بصراخها، وأرعبت الجميع، وأوصلت رسالة خاطئة إنها هي كل الكويت ، فإن ارتفعت أصوات مجانين البلدة ليل نهار لا يعني إنهم فقط من يقطنها ، فالمجانين يحتاجون إلى من يقوم برعايتهم ، ولكن هذا يعني إن باقي أهل البلد متقاعسين عن إسكات مجانينها .

فالخطوة الحكيمة من سمو الأمير بعد أن علت أصوات النشاز وخرجت عن أطر الدستور والقانون بإرجاعه الأمر للشعب كمصدر للسلطات ليقول كلمته ، يجب أن تقابل بتفاعلِ وتصرفٍ منا حكيم ، وأتمنى أن لا يعاود 42% من الشعب خذلانه بسلبيتهم، فلنمارس دورنا فإن لم نكن قادرين على نفع الكويت فلندفع عنها البلاء وهذا أقل ما نقدمه لوطننا .


الاثنين، 2 يناير 2012

وقت حازم ... (قصة قصيرة)



قصة قصيرة
وقت حازم

فراس خورشيد
الحازة على المركز الثاني في مسابقة القصة القصيرة  الهيئة العامة للشباب والرياضة لسنة 2010 -2011 م 


وقت حازم
استيقظ حازم و السرور ملئ فؤاده فقد حصل على موعد للاجتماع الذي حلم به منذ اليوم الأول لتأسيس مكتبه الهندسي .
فاليوم بعد ثلاث ساعات ستحلق طائرته إلى دبي حيث سيعرض في تمام الساعة الثانية ظهرا تفاصل تصميم مكتبه أمام رئيس إحدى أكبر شركات المشاريع العقارية وممثلين عن ثلاث مكاتب استشارية عالمية ، حيث حاز التصميم المبدئي الذي قدمه على درجة عالية من الاستحسان واليوم سيبرهن على إمكانية تطبيقه وسيحصل على حق الإشراف على تنفيذه ليرى ما رسمه واقعا يفتخر به على مستوى العالم ، وحلم الثراء والشهرة التي متى ما تحركت لا تقف ستبدأ في هذا اليوم دبيبها الفعلي .
الساعة تشير إلى السادسة و عشر دقائق و هو يُسعد نفسه بما سيحقق فحَقُه الفخر و الغرور على ما سوف يحققه من انجازات عالمية ، أسرع ليستحم و في أثناء استحمامه تذكر إنه لم يحضر ثياب السفر الذي سيستمر ثلاث أيام يجب أن يظهر خلالها دائماَ مهندماً بكامل أناقته .
الساعة تشير إلى السادسة و سبع و عشرين دقيقة و هو يجفف نفسه و ينادي على الشاي ، يشعل سيجارة و هو يرتدي ثيابه ، يشرب الشاي و هو يبحث عن الحقيبة التي أحضرها بالأمس ، يبحث عن ثيابه ، يتساءل ماذا سيرتدي ؟ ما هو المناسب ؟ .. من سيستقبله في المطار فهو ضيف شركة من أصعب الشركات في التعامل و إن كانت أفضلهم ، يجب أن يكون على أحسن هيئة و حال مبهراً لمن يستقبله .
نظر إلى الساعة
(( يا إلهي إنها السابعة ))
ارتدى ما وجد أمامه و وضع ثيابه مكومة في الحقيبة التي بالكاد استطاع إغلاقها وهو يقرر أن يسلمهم هناك للفندق لكيهم مرة أخرى و إن كان المبلغ الذي سيتقاضاه الفندق مقابل كيهم مبالغ فيه جداً إلا إنه أفضل من إغلاق باب الملايين التي سيحصل عليها.
و على عجل وصل إلى المطار ركن سيارته في المواقف العادية فلم يجد الوقت الكافي لركنها في مواقف المدى الطويل التي يضع المسافرون سياراتهم بها للتوفير ، ولكن لم يهتم فالمهم أن يصل في الوقت المناسب .
لم يكف عن التفكير بهذا الاجتماع و هو يحمد الله على وصوله قبل إغلاق باب الطائرة .
هبطت الطائرة في تمام الساعة العاشرة و خمس وثلاثين دقيقة على مدرج مطار دبي الدولي سالمة ، و سار في ممرات المطار الطويلة بخطوات واسعة سريعة ليستلم حقيبته و يخرج في تمام الساعة الحادية عشرة ليرى شاب حسن المظهر و بكامل زيه الرسمي يرفع لافته عليها اسمه ، اقترب منه يعرف عن نفسه فابتدرت إليه حسناء لتدخل السرور على نفسه بترحيبها وعرفت عن نفسها (( هناء مرافقتك خلال هذه الزيارة سيدي )) وصحبته إلى السيارة الفارهة لتجلس بجواره على المقعد الخلفي ، و آلمه إن الرجل الذي أعجب بهندامه و حسن مظهره ليس سوى سائق عادي في هذه الشركة وليس كما ظنه أحد موظفي العلاقات العامة ، صنع ذهنه مقارنة سريعة من حيث المظهر بينه وبين السائق ولكنه استدرك و هو يقول في نفسه (( لا بأس سيتغير الوضع بعد ارتدائي ثياب أخرى من التي سوف أسلمها للفندق لكيها ، وما سيكون أجمل إني سأرافق هذه الفاتنة )) .
أبدت هناء تأسفاً و اعتذاراً شديداَ على تأخرهم بالوصول للفندق ولكنه بسبب الزحام الذي يجتاح دبي صبيحة كل يوم عمل منذ عدة سنوات ، قبل اعتذارها الذي خلط بشيء من إظهار السخط على هذا الاختناق المروري ولكن قلبه يشكر الظروف التي أجلستها محاذية له هذه المدة طويلة .
توقفت السيارة عند بوابة الفندق الرئيسية فأسرع أحد الموظفين المختصين لفتح باب السيارة له فترجل منها و ملئه الزهو و الفخر و هو يشعر إنه رئيس دولة كبرى باستقبال رسمي ، نظر إلى ساعته و هو يمشي و إذا بها الثانية عشر تماماً ، دخلا الفندق سويا ولم يكاد يقف في بهو الفندق حتى أتى من يرافقهم إلى حجرته من موظفي استقبال الفندق الذي يقدر ضيوف هذه الشركة التي تدفع بسخاء ، قبل أن تخرج هناء من حجرته برفقة الموظف قالت له :
(( سيدي أنا و السيارة بانتظارك ... أرجو ألا تتأخر حتى تصل للاجتماع بموعده ))
فأجابها حازم و هو يبتسم :
(( مقر الشركة قريب و مازال أمامنا قرابة الساعتين ))
هناء :
(( أقل من ساعة سيدي فموعدك في تمام الثانية ))
  حازم وهو ينظر إلى ساعته :
(( الآن الثانية عشر وعشرة دقائق ))
هناء تجيبه بابتسامة :
(( لا سيدي ! ، هناك فرق توقيت ساعة فالآن الساعة الواحدة و إحدى عشر دقيقة ))

شعر حازم بنوع من الكبت واللعنة على عدم إدراكه لفرق التوقيت والوقت الذي داهمه من غير سابق إنذار فلن يسعه الآن كي ثيابه وارتداء ما يناسب حجم الاجتماع الذي سيحضره ، ولكنه تمالك أعصابه و تبسم لها قائلاً :
(( لا بأس سأنزل بعد عشرة دقائق ))
أغلقت هناء الباب و هي خارجة لتنتظره في بهو الفندق .
دخل حازم ليغسل وجهه من إرهاق سفر الطائرة و يشعل سيجارة ينفث من خلال دخانها ما شعر به من كبت و هو يفكر بما سيحتاجه معه في الاجتماع .
  صك رأسه بيده و هو يقول :
(( نسيت التصاميم ))
وجل للحظات كادت تطير عقله ثم نفخ ((أوووووف)) الارتياح ليقول : (( لا بأس أعرضها من اللابتوب )) .
أدار عينيه في أركان الحجرة تفحص كل شيء بعينه وفتش بيديه لم يرى اللابتوب ، و احتمل أن يكون نسيه في السيارة ، اتصل بالاستقبال وطلب منهم أن يبحثوا له عن السيدة ((هناء)) فعرفتها موظفة الاستقبال فوراً ، وخلال أقل من دقيقة حدثته
هناء :
(( نعم تفضل سيدي ))
حازم :
(( ممكن أن تحدثي السائق وتسأليه عن اللابتوب، هل هو في السيارة ؟ ))
هناء :
(( سيدي عندما خرجت من صالة القادمين في المطار لم يكن معك سوى حقيبة واحدة ))
سكت حازم للحظات متأملاً ثم قال :
(( يا إلهي ))
هناء :
(( ما بك سيدي ))
لم يجبها فأردفت :
(( سيدي ... سيدي ... أأنت بخير ؟ هل أنت على ما يرام ؟ ))
حازم بصوت مرتجف :
(( هناء أنا في مأزق ...! ))
هناء :
(( ما بك سيدي ))
حازم :
(( أتستطيعين المجيء ))
هناء :
(( أجل سيدي دقائق وأكون معك ))
عندما دخلت هناء إلى حجرته ورأت حاله سألته عما به فأجابها
حازم :
(( نسيت التصاميم الورقية ولا أدري أين اللابتوب ))
هناء :
(( هل أنت متأكد أنك أحضرته معك سيدي؟ ))
حازم :
(( للأسف أنا متأكد إني لم أحضره ولكن لا أدري أين هو الآن..! ))
خيم الصمت لدقائق ثم سألها
حازم :
(( أيمكن تأجيل الاجتماع إلى الليل ؟ ))
هناء :
(( سأتحقق من مديري ولكن أعتقد إن الأمر صعب جداً ))
حازم :
(( حاولي ))
وبعد دقيقتين
هناء : (( سيدي هناك اثنان من المجتمعين الرئيسين سيسافران بعد موعد الاجتماع أحدهما رئيس مجلس إدارة الشركة والآخر كبير مستشاري الشركة الذي أتى خصيصاً لهذا الاجتماع تقله طائرة خاصة يجب أن ترجعه في وقت محدد ، إضافة إلى أن المستشار الياباني أيضا سوف يسافر الساعة الثامنة مساءاً ))
حازم :
(( يا إلهي يا إلهي ماذا أفعل ؟ ))
هناء :
(( أعتذر سيدي على التدخل ولكن لما لا تحاول الاتصال بمن يستطيع إرسال الملفات التي تحتاجها عبر البريد الإلكتروني ؟ ))
ابتسم لفكرتها التي غابت عن ذهنه رغم بداهتها في هذا العصر، فرفع سماعة الهاتف وقد لمح الساعة وإذا بها تشير إلى الثانية عشر وأربع وثلاثين دقيقة ، فأدرك إنه قد بقي 26 دقيقة على موعد الاجتماع .
اتصل على شريكه شارحا الوضع :
(( هادي نسيت اللابتوب والتصاميم والمخططات ))
(( أرجوك ابعثهم فوراً ))
(( إذن سأحاول ولكن أسرع ))

وأجرى اتصالاً ثانياً وعينا هناء ترقبه وهو يراقب الساعة التي وصلت إلى 12,39 ليخاطب السكرتيرة :
(( سعاد أرجوك أنا في مأزق ، أريد منك أن تبعثي ملف من الحاسب الشخصي ))
(( أعلم شغلي الحاسب و سوف أعطيك الرقم ))
مرت ثواني
(( آه يا إلهي .. ما هذا الحظ ما هذه المصائب ))
(( أحضري الحارس ليحطمه بسرعة ))
(( حسناً سأتصل بعد خمسة دقائق ))
بدا حازم قلقاً يحير عينيه في أرجاء الغرفة وهو يدور حول طاولة في وسطها ، حاولت هناء تهدئته ، إلا إن قلقه انتقل إليها فظهر في كلمتها حيث أشارت عليه بمعاودة الاتصال ، فأعاد الاتصال في 12,42 إلا إن سعاد طلبت منه الانتظار ريثما تعاود الاتصال به .
وفي الساعة 12,47 رن جرس هاتفه لتطلب منه سعاد محادثة الحارس الذي رفض كسر الباب رغم محاولتها و من ثم محاولات حازم الحثيثة و صرخاته و فحيحه إلا بحضور أحد الشركاء حازم أو هادي .
عاود الاتصال بشريكه هادي في 12,52
حازم :
(( هادي أين أنت ؟.. الملفات بالشركة .. الباب مقفل ))
(( المفتاح معي ))
(( لا أدري أين ))
(( المهم الحارس لم يقبل كسر الباب ))
(( ممتاز بالانتظار ))
التفت إلى هناء و قد بدأت الابتسامة بالارتسام على وجهه
حازم :
(( شريكي سوف يصل للمكتب بعد دقائق سوف تحل المشكلة ))
ظهر الارتياح على هناء التي تتمنى أن ينتهي لتنتهي هي من هذا الضغط المبالغ جراء متابعتها لضيف هذا الاجتماع .
رن هاتف حازم في تمام 12,59 فأجاب :
(( نعم الرقم السري 0012345432100 ))
(( الحمد لله ))
(( على سطح المكتب [الدسكتوب] ))
(( امممم ... اقرأ أسماء الملفات ))
(( أجل أجل  112 هذا هو المجلد ضعه في ملف مضغوط دفعة واحدة و أرسله فوراً إلى بريدي الإلكتروني ... أنا بانتظارك ))
أقفل الهاتف توجه إلى هناء :
(( الحمد لله ... ولكني أحتاج استخدام حاسوب من الفندق لتحميل الملف ))
هناء :
(( أعتذر سيدي على التدخل بقراراتك ، ولكن الوقت يداهمنا فالساعة الآن الواحدة و خمسة دقائق ، وقد اعتذرت للشركة عن التأخير و أخبرتهم بأن تأخرنا لن يطول ، و تستطيع الاستفادة من حاسبي المحمول أثناء توجهنا إلى الشركة وهو مزود بخدمة انترنت ، ومن ثم تستطيع الاستفادة منه أثناء الاجتماع ))
حازم :
(( ممتنٌ لكي جداً يا هناء ، ولا أدري كيف أستطيع شكرك ))
هناء :
(( بأن تنهي هذا الاجتماع على خير ، و تفضل حتى لا نضيع الوقت ))
خرجا معاً إلى السيارة حيث انتهى حازم من تحميل الملف الضخم عند باب الشركة بفضل سرعة الإنترنت، نزل من فوره وتوجه إلى المصعد متبعاً توجيهات وإشارات هناء .
دخل إلى قاعة الاجتماعات تعلو وجهة ابتسامة مصطنعة تخبئ ما تستطيع من خجله، وبدأ بتقديم اعتذاره ثم أردف الاعتذار باعتذار عن عدم تقديمه للمقدمات المعتادة حفاظاً على وقت المجتمعين، متلافياً بذلك ما سببه من تأخير، فحاز على إعجاب بعض المجتمعين بهذا التصرف، و شرع في وصف المشروع وفكرته ومميزات المبنى عن غيره وإمكانية تطبيقه بأقل مما يتصور من تكاليف .
وأشار أثناء حديث إلى هناء بتشغيل الحاسب وتجهيزه للعرض ، ثم طلب منها تشغيل ملف الشرائح "المشروع النهائي" و استرسل بكلامه شارحاً التفاصيل عن ظهر قلب دون أن يلتفت إليها أو إلى شاشة العرض، تقلب الوجوه أثناء حديثه فوجدها ذاهلة ، سكت للحظة وهو يتفحصهم فسمع كلمة "روعة" التي فلتت من شفتي هناء ، فبان أثر فرحه بهذه الكلمة وهذا الذهول بابتسامة عريضة رسمت على محياه .
عاود الحديث بثقة مضاعفة عما كان عليه معتمداً على ما سببه لهم من إبهار : (( والآن سوف أشرح ما قلته على الصور )) فالتفت إلى الشاشة وهو يلمح عينا هناء معلقة بها ، صعق فارتبك وفقد القدرة على فتح شفتيه .. ماذا يرى ؟
إنه مشروع آخر لمزرعة بها إسطبلات خيل محفوفة بأجمل المناظر التي صممها و أنجزها لتكون واقعاً ملموساً ، ظهرت صورة مضحكة له وهو يعمل بيده وقد اتسخت ثيابه بالطين وغطى الغبار وجهه الضاحك ، ومجموعة أخرى من الصور مع زملائه و أصدقاءه صور جميلة جداً ولكنها محرجة أكثر في مثل هذا الاجتماع .
كسرت هناء الصمت الذي حل على القاعة :
(( ما الأمر ؟ ))
حازم متلكئً :
(( بعثوا ملف خاطئ .. الملف خاطئ .. أعطيتهم رقم مجلد آخر ... ليس هذا بل الآخر ... هو الآخر ... هو ما أريد...  خطأ .. أعتذر ... ))
رئيس مجلس الإدارة :
(( مهندس حازم أنت فنان ... فنان رائع... فقد أعجبني عملك ))
فبدأ حازم بالارتياح محاولاً استعادة السيطرة على أعصابه ليتم عمله
و أردف رئيس مجلس الإدارة :
(( سأحاول الاستفادة منك لمزرعتي متى ما قررت تجديدها ، ولك أن تستفيد من الغرفة المحجوزة في الفندق إلى موعد رجوعك إلى وطنك ولكن دون ضيافة الشركة ))
قام الرئيس تاركاً حجرة الاجتماعات و رحل ...