قرقرة الخواجة !
مدح التعلم من ثوابت الإنسانية المقررة عقلا وشرعا ،
ومهما تعلم الإنسان ، يبقى محلا للنقص والجهل ، ومما تعلمناه خلال الأزمة العربية
الأخيرة ، ومن مصر والبحرين خصوصا ، إن عنف السلطة المستبدة إن قَوِيَ على تدمير
الحراك المسلح ، إلا إنه لا يقوى على مجابهة سلم الحراك الأهلي ، بل لعل الإفراط باستخدام
العنف يعطي الشعوب حق الرد بالمثل ولو بعد حين .
ومن أصدق الشواهد على قوة الحراك السلمي وعظمته ، هو
اضراب الأستاذ عبد الهادي الخواجة ، فبعد أن تجاوزت حكومة البحرين الحدود الإنسانية
بقمع وقتل الثوار منذ 14 فبراير 2011 ، إلى إدخالها مرتزقة وقوات أجنبية لقمع
الحراك السلمي الذي كاد أن يصل إلى مطالبه الأساسية بالإصلاح السياسي ، إلى منعها لأعضاء
المنظمات الحقوقية والإعلاميين من دخول البحرين ، ومع كل التقارير التي تؤكد
انتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان ، بقيَ العالم صامتاً صمت القبور عنها ، بل
وتجاهلها الإعلام العربي والغربي ومارس ضدها تمييزا واضحا ، ولم يخرج للعالم مما
يجري في البحرين إلا بعض الشوارد أو ما يوصله الثوار ومناصروهم إلكترونيا .

فتعنت الحكومة البحرينية في هضمها لحقوق الإنسان ، جعل
من الخواجة " موسا " في بلعوم الملك ونظامه ، فإن امتثلوا وأطلقوه
سيجرحهم بإحراجهم ، وإن مات سينسفهم ، فالمعادلة صعبة جدا على النظام الحاكم في
البحرين ، ولكن ضرر أهون من ضرر لو كانوا يعقلون ، فلن يجعلهم يدفعوا لموت الخواجة
إلا مكابرتهم أو رهانٍ خاسر على المجهول .
ولكننا على ثقة بأن الأيام القادمة تخبئ
انتصارات عظيمة للشعب وقضيته ، فإن أطلقوا سراح الخواجة
فهو نور ، وإن لا سمح الله أصابه مكروه سواء كان بموته أو بإعطاب جسده أو دماغه ،
فالشارع البحريني لن يسكت " وإن سكت فهو لا يستحق الحياة " ، والعالم الإنساني سيتحرك
بجدية ، وبالأخص إن أي اخلال وانتهاك انساني يُتغاضى عنه في البحرين وبالخصوص في ما
يتعلق بالخواجة ، سيتكرر في معظم دول الخليج والوطن العربي ، وهذا ما لن يسمح بوقوعه عاقل .