الجمعة، 27 أبريل 2012

قرقرة الخواجة !


قرقرة الخواجة !

مدح التعلم من ثوابت الإنسانية المقررة عقلا وشرعا ، ومهما تعلم الإنسان ، يبقى محلا للنقص والجهل ، ومما تعلمناه خلال الأزمة العربية الأخيرة ، ومن مصر والبحرين خصوصا ، إن عنف السلطة المستبدة إن قَوِيَ على تدمير الحراك المسلح ، إلا إنه لا يقوى على مجابهة سلم الحراك الأهلي ، بل لعل الإفراط باستخدام العنف يعطي الشعوب حق الرد بالمثل ولو بعد حين .

ومن أصدق الشواهد على قوة الحراك السلمي وعظمته ، هو اضراب الأستاذ عبد الهادي الخواجة ، فبعد أن تجاوزت حكومة البحرين الحدود الإنسانية بقمع وقتل الثوار منذ 14 فبراير 2011 ، إلى إدخالها مرتزقة وقوات أجنبية لقمع الحراك السلمي الذي كاد أن يصل إلى مطالبه الأساسية بالإصلاح السياسي ، إلى منعها لأعضاء المنظمات الحقوقية والإعلاميين من دخول البحرين ، ومع كل التقارير التي تؤكد انتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان ، بقيَ العالم صامتاً صمت القبور عنها ، بل وتجاهلها الإعلام العربي والغربي ومارس ضدها تمييزا واضحا ، ولم يخرج للعالم مما يجري في البحرين إلا بعض الشوارد أو ما يوصله الثوار ومناصروهم إلكترونيا .

ولكن الأستاذ عبد الهادي الخواجة ، وبعد أن دفعت الحكومة والدول والمنظمات التي تساندها الملايين ، لشراء الإعلام وسكوت العالم ، استطاع بصبره منقطع النظير، ( وبقرقرة معدته الخاوية فقط ) ، أن يجابه دوي كل أسلحتهم ، ورنين أموالهم ، ونعيق الطائفيين والمرتزقة ، فأرهبهم حتى ما عادوا يدركون فعلهم ، وأتلف مخططاتهم ، وأعاد عدسة قلب الإنسان في العالم لتتركز على البحرين ، وبالتحديد على جسد نحيل مسجى ، ليحكي للعالم معاناة الإنسان في البحرين ، ويجعل كل ذهن يتساءل ، لماذا هذا الظلم على الإنسان في هذه المنطقة المهمة من العالم ولا يتحرك من دعاة القيم والأخلاق الإنسانية ساكن ؟

فتعنت الحكومة البحرينية في هضمها لحقوق الإنسان ، جعل من الخواجة " موسا " في بلعوم الملك ونظامه ، فإن امتثلوا وأطلقوه سيجرحهم بإحراجهم ، وإن مات سينسفهم ، فالمعادلة صعبة جدا على النظام الحاكم في البحرين ، ولكن ضرر أهون من ضرر لو كانوا يعقلون ، فلن يجعلهم يدفعوا لموت الخواجة إلا مكابرتهم أو رهانٍ خاسر على المجهول .

ولكننا على ثقة بأن الأيام القادمة تخبئ انتصارات عظيمة للشعب وقضيته ، فإن أطلقوا سراح الخواجة فهو نور ، وإن لا سمح الله أصابه مكروه سواء كان بموته أو بإعطاب جسده أو دماغه ، فالشارع البحريني لن يسكت " وإن سكت فهو لا يستحق الحياة " ، والعالم الإنساني سيتحرك بجدية ، وبالأخص إن أي اخلال وانتهاك انساني يُتغاضى عنه في البحرين وبالخصوص في ما يتعلق بالخواجة ، سيتكرر في معظم دول الخليج والوطن العربي ، وهذا ما لن يسمح بوقوعه عاقل .